فصل: ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وسبعمائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ أبي الفداء **


  ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة

فـي المحـرم منهـا توفـي الشيـخ الكبيـر العابـد المقـري أبـو محمـد عبد الرحمن ابن أبي محمد بن سلطان القرامزي الحنبلي بجوبر ودفن بتربة له جوار قبة القلندرية بدمشق وكـان مشهـوراً بالمشيخـة يتردد إليه الناس سمع من ابن أبي يسر وابن عساكر وحدث بدمشق ومصر وقرأ بالروايات على الشيخ حسن صقلي‏.‏

ومات الأمير الكبير علم الدين الدميثري ولي نيابة قلعة دمشق مدة‏.‏

وحصل بحمص سيـل عظيم هلك به خلائق ومات بحمام تنكز بها نحو مائتي امرأة وصغير وصغيرة وجماعة رجال دخلوا ليخلصـوا النسـاء وهلـك بعـض متفرجيـن بالجزيـرة وانهدمـت دار المستوفـي وهلـك ابنـه وصاروا يخرجون الموتى مـن بواليـع الحمـام والقميـن وكـان بالحمـام عـروس فلهـذا أكثـر النسـاء الحمام‏.‏

ومات بمصر الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي وزر ببصر وحج بالمصريين‏.‏

ومـات السلطـان الملـك المؤيـد إسماعيـل ابـن الملـك الأفضـل علـي صاحـب حماة مؤلف هذا التاريخ وله تصانيف حسنة مشهورة منها أصل هذا الكتاب ونظيم الحاوي وشرحه شيخنا قاضي القضاة شرف الدين ابن البارزي شرحاً حسناً وله كتاب تقويم البلدان وهو حسن في بابه تسلطن بحماة في أول سنة عشرين بعد نيابتها رحمه الله تعالى وكان سخياً محباً للعلم والعلماء متقناً يعرف علوماً ولقد رأيت جماعة من ذوى الفضل يزعمون أنه ليس في الملوك بعد المأمون أفضل منه رحمه الله تعالى‏.‏

وفيها في صفر مات قاضي الجزيرة شمس الدين محمد بن إبراهيم بن نصر الشافعي وكان له تعلق بالدولة ومكاتبة من بلده ثم تحول إلى دمشق‏.‏

وفيـه أتملـك حمـاة السلطـان الملـك الأفضل ناصر الدين محمد ابن الملك المؤيد على قاعدة أبيه وهو ابن عشرين سنة‏.‏

وفيها في ربيع الأول مات بالقاهرة القاضي الإمام المحدث تاج الدين أبو القاسم عبد الغفار بن محمـد بـن عبـد الكافـي بـن عـوض السعـدي سعـد خـدام الشافعـي ولـد سنـة خمسيـن تفقـه وقـرأ النحـو على الأمين المحلي وسمع من ابن عزون وابن علان وجماعة وارتحل فلقى بالثغر عثمان ابن عوف وعمل معجمه في ثلاث مجلدات وأجاز له ابن عبد الدائم وروى الكثير وخرج أربعين تساعيات وأربعين مسلسلات وكان حسن الخط والضبط متقناً ولي مشيخة الحديث ومات بدمشـق العلامـة رضـى الديـن إبراهيـم بـن سليمـان الرومـي الحنفـي المعـروف المنطقـي بدمشق بالنورية وكان ديناً متواضعاً محسناً إلى تلامذته حج سبع مرات‏.‏

ومات الأمير علاء الدين طنبغا السلحدار عمل نيابة حمص ثم نيابة غزة وبهـا مـات وحـج بالشاميين سنة إحدى عشرة وسبعمائة نيابة‏.‏

ومات بمكة خطيبها الإمام بهاء الدين محمد ابن الخطيب تقي الدين عبد الله ابن الشيخ المحب الطبري له نظم ونثر وخطب وفيه كرم ومروءة وفصاحة وخطب بعده أخوه التاج علي‏.‏

وفيها في ربيع الآخر ركب بشعار السلطنة الملك الأفضل الحموي بالقاهرة وبين يديه الغاشية ونشرت العصائـب السلطانيـة والخليفيـة علـى رأسـه وبيـن يديـه الحجـاب وجماعـة مـن الأمـراء وفرسه بالرقبة وبالشبابة وصعد القلعة هكذا‏.‏

وفيهـا فـي جمـادى الأولـى مات قاضي القضاة بدمشق شرف الدين أبو محمد عبد الله ابن الإمام شـرف الديـن حسـن ابـن الحافـظ أبـي موسـى ابـن الحافـظ الكبيـر عبـد الغنـي المقدسي الحنبلي فجأة كان شيخاً مباركاً‏.‏

ومات فخر الدين علي بن سليمان بن طالب بن كثيرات بدمشق‏.‏

ومات بالإسكندرية الصالح القدوة الشيخ ياقوت الحبشي الإسكندري الشاذلي وكانت وفيهـا فـي رجـب مـات الإمـام الصالـح‏.‏

عـز الديـن عبـد الرحمـن ابـن الشيخ العز إبراهيم بن عبد الله ابـن أبـي عمـر المقدسـي الحنبلـي سمـع أبـاه وابـن عبد الدائم وجماعة وكان خيراً بشوشاً رأساً في الفرائض‏.‏

ومات بدمشق الناصح محمد بن عبد الرحيم بن قاسم الدمشقي النقيب الجنائزي وكان خبيراً بألقاب الناس يحصل الدراهم والخلع ويتقيه الناس عفا الله عنه‏.‏

ومات بمصر فخر الدين بن محمد بن فضل الله كاتب المماليك ناظر الجيوش المصرية كان له بر وعدمه الناس وعرفوا قدره بوفاته فإنه كان يشير على السلطان بالخيرات ويـرد عـن النـاس أموراً معظمات قلت‏:‏ وكم أمـور حدثـت بعـده حتى بكت حزناً عليه الرتوت لـو لـم يمـت ما عرفوا قدره ما يعرف الإنسان حتـى يمـوت سمع من ابن الأبرقوهي واحتيط على حواصله‏.‏

ومات شيخ القراء شهاب الدين أحمـد بـن محمـد بـن يحيـى بـن أبـي الحـزم سبـط السلعـوس النابلسي ثم الدمشقي بستانه ببيت لهيا وكان ساكناً وقوراً‏.‏

ومات بمصر الأمير سيف الدين أبجية الدواتدار الناصري الفقيه الحنفي كهلاً وولي المنصب وفيها في شعبان كان عرس الملك محمـد ابـن السلطـان علـى زوجتـه بنـت بكتمـر الساقـي وسوارها ألف ألف دينار مصرية وذبح خيل وجمال وبقر وغنم وإوز ودجاج فـوق عشريـن ألف رأس وحمل له ألف قنطار شمع وعقد له ثمانية عشر ألف قنطار حلوى سكرية وأنفق على هذا العرس أشياء لا تحصى‏.‏

ومات بالقاهرة جمال الدين محمد بن بدر الدين محمد بن جمال الدين محمد بن مالك الطائي الجياني بلغ الخمسين وسمع من ابن النجاري جزءاً خرجه له عمه وله نظم جيد ولم يحدث‏.‏

ومات الأمير سيف الدين ساطي صهر سلار من العقلاء وفيه ديانة وله حرمة وافرة‏.‏

ومات بدمشق أمين الدين سليمان بن داود الطبيب تلميذ العماد الدنيسري كان سعيداً في علاجه وحصل أموالاً قلت‏:‏ مـات سليمـان الطبيـب الذي أعده الناس لسـوء المـزاج لم يفده طـب ولـم يغنـه علـم ولـم ينفعـه حسـن العلاج كان مقدماً على المداواة ودرس بالدخوارية مدة وعاش نحو سبعين سنة‏.‏

وفيه طغى ماء الفرات وارتفع ووصل إلى الرحبة وتلفت زروع وانكسر السكـر بديـر بسيـر كسراً ذرعه اثنان وسبعون ذراعاً وحصل تألم عظيم وعملوا السكر فلما قارب الفراغ انكسر وفيها في رمضان أمر بدمشق الأمير علي ابن نائب دمشق سيف الدين تنكز ولبس الخلعة عنـد قبر نور الدين الشهيد المشهور بإجابة الدعاء عنده ومشى الأمراء في خدمته إلى العتبة السلطانيـة فقبلهـا وفيـه نقـل مـن دمشـق إلـى كتابة السر بالأبواب السلطانية القاضي شرف الدين أبو بكـر بن محمد بن الشيخ شهاب الدين محمود ونقل إلى دمشق القاضي محي الدين بن فضل الله ولده‏.‏

ومات بدمشق فجأة الأمير سيف الدين بلبان العنقاري الزراق الساكن بالسبعة وقـد جـاوز السبعين من أمراء الأربعين‏.‏

ومات شيخ القراء ذو الفنون برهان الديـن أبـو إسحـاق إبراهيـم بـن عمـر الجعبـري الشافعـي بالخليل ومولده سنة أربعين وستمائة وتصانيفه كثيرة اشتغل ببغداد وقرأ التعجيز على مصنفه بالموصل و أقام شيخاً أربعين سنة‏.‏

ومـات بمصر الأمير سيف الدين سلامش الظاهري أمير خمسين وقد قارب التسعين وكان ديناً صالحـاً‏.‏

وفيها في شوال توجه السلطان للحج بأهله ومعظم أمرائه في حشمة عظيمة‏.‏

ومات الإمام شهاب الدين أبو أحمد عبد الرحمن بن محمد بن عسكر المالكي مدرس المستنصريـة ببغداد وله مصنفات في الفقه وكان حسن الأخلاق ولد في سنة أربع وأربعين بباب الأزج‏.‏

وفيها في ذي القعدة مات قاضي القضاة علم الدين محمد بن أبي بكر بن عيسى بن بدران السعدي المصري ابن الأحناني بالعادلية بدمشق ودفن بسفح قاسيون كان من شهود الخزانة بمصـر ثـم جعـل حاكمـاً بالإسكندريـة ثـم بدمشق وكتب الحكم لابن دقيق العيد ولازم الدمياطي مدة وسمع من أبي بكر بـن الأنماطـي وجماعـة ومولـده عاشـر رجـب سنـة أربـع وستين وكان عفيفاً فاضلاً عاقلاً نزهاً متديناً محباً للحديث والعلم شرح بعض كتاب البخاري‏.‏

وفيـه وفـي النيـل قبـل النيـروز بثلاثـة وعشريـن يومـاً وبلـغ أحد عشر من تسعة عشر وهذا لم يعهد من ستين سنة وغرق أماكن وأتلف للناس من القصب ما يزيد على ألف ألف دينار وثبت على البلاد أربعة أشهر‏.‏

وفيهـا فـي ذي الحجـة مـات قطب الدين موسى بن أحمد بن حسان ابن شيخ اللامية وكان ناظر الجيش الشامي ومرة المصري ودفن بتربة أنشأها بجنب جامع الأفرم وعاش اثنتيـن وسبعيـن ورثاه علاء الدين بن غانم‏.‏

ومات الشيخ الصالح المقرئ شمس الدين محمد بن النجم أبي تغلب بن أحمد بن أبي تغلب الفاروثي ويعرف بالمربي جاوز الثمانين كـان معلمـاً فـي صنعـة الإقبـاع ويقـرئ صبيانـه ويتلـو كثيراً قرأ بالسبع على الكمال المحلي قديماً‏.‏

ومـات العلامـة الخطـب جمال الدين يوسف بن محمد بن مظفر بن حماد الحموي الشافعي خطيب جامع حماة كان عالماً ديناً سمع جزء الأنصاري من مؤمل البالسي والمقـداد القيسـي وحـدث واشتغل وأفتى وكان على قدم من العبادة والإفادة رحمه الله تعالى‏.‏

ومات العلامة شمس الديـن أبـو محمـد عبـد الرحمـن بـن قاضـي القضـاة الحافـظ سعـد الديـن مسعود ابن أحمد الحارثي بالقاهرة تصدر للإقراء وحج مرات وجاور وسمع من العز الحراني وجماعة وكان ذا تعبد وتصون وجلالة قرأ النحو على ابن النحاس والأصول على ابن دقيق العيد ومولده سنة إحدى وسبعين وولي بعده تدريس المنصورية قاضي القضاة تقي الدين‏.‏

ومات كبير أمراء سيف الدين بكتمر الناصري الساقي بعد قضاء حجه وابنه الأمير أحمد أيضاً وخلف ما لا يحصى كثرة ماتا بعيون القصيب‏.‏

بطريق مكة ونقلا إلى تربتهما بالقرافة‏.‏

  ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة

فيها في المحرم أطلق الصاحب شمس الدين غبريال‏.‏

بعد مصادرة كثيرة‏.‏

ومـات بدمشـق نقيـب الأشـراف شـرف الديـن عدنـان الحسين ولي النقابة على الأشراف بعد موت أبيه واستمر بها تسع عشرة سنة وهم بيت تشيع‏.‏

وفيها في صفر وصل الخبر بموت محدث بغداد تقي الدين محمود بن علي بن محمود بن مقبل الدفوقـي كـان يحضـر مجلسـه خلق كثير لفصاحته وحسن آدابه وله نظم وولي مشيخة المستنصرية وحدث عن الشيخ عبد الصمد وجماعة وكان يعظ وحمـل نعشـه علـى الـرؤوس وما خلف درهماً‏.‏

وفيه قدم أمين الملك عبد الله الصاحب على نظر دمشق وهو سبط السديد الشاعر‏.‏

ومـات بدمشق الشيخ كمال الدين عمر بن إلياس المراغي كان عالماً عابداً سمع منهاج البيضاوي من مصنفه‏.‏

وفيها في ربيع الأول ولي القضاء بدمشق العلامة جمال الدين يوسف جملة بعد الإخنائي‏.‏

وفيهـا فـي ربيـع الآخـر توجـه القاضـي محـي الديـن بـن فضـل اللـه وابنه إلى الباب الشريف وتحول إلى موضعه بدمشـق القاضـي شـرف الديـن أبـو بكـر بـن محمـد ابـن الشهـاب محمـود وولـي نقابـة الأشراف بدمشق عماد الدين موسى بن عدنان‏.‏

وفي خامس عشر شعبان من سنـة ثلـاث وثلاثيـن وسبعمائـة دخـل الأميـر بـدر الديـن لؤلـؤ القندشي إلى حلب شاداً على المملكة وعلى يده تذاكر وصادر المباشرين وغيرهـم ومنهـم النقيب بدر الدين محمد بن زهرة الحسيني القاضي جمال الدين سليمان بن ريان ناظر الجيش وناصر الدين محمد بن قرناص عامل الجيش وعمه المحبي عبد القادر عامل المحلولات والحاج إسماعيـل بن عبد الرحمن العزازي والحاج علي بن السقاء وغيرهم‏.‏

واشتد به الخطب وانزعج الناس كلهم حتى البريئون وقنت الناس في الصلوات وقلت في ذلك‏:‏ قلبي لعمر الله معلول بما جرى للناس مـع لولـو يـا رب قـد شرد عنا الكرا سيف على العالم مسلول ومـا لهـذا السيـف مـن مغمد سواك يا من لطفه السول كان هذا لؤلؤ مملوكاً لقندش ضامن المكوس بحلب ثم ضمن هو بعد أستاذه المذكور ثم صار ضامـن العداد ثم صار أمير عشرة ثم أمير طبلخانات ثم صار ما صار ثم أنه عزل ونقل إلى مصر وأراح الله أهل حلب منه فعمل بمصر أقبح عملـه بحلـب وتمكـن وعاقـب حتـى نسـاء مخدرات وصادر خلقاً‏.‏

وفيها في جمادى الأولى مات عز القضاة فخر الدين بن المنير المالكي من العلماء ذوى النظم والنثر وألف تفسيراً وأرجوزة في السبع‏.‏

ومات قاضي المجدل بدر الدين محمد بن تاج الدين الجعبري‏.‏

ومات قاضي القضاة بدر الدين محمد بن جماعة الكناني الحموي بمصر له معرفة بفنون وعدة مصنفات حسن المجموع كان ينطوي على دين وتعبد وتصون وتصوف وعقل ووقار وجلالـة وتواضع درس بدمشق ثم ولي قضاء القدس ثم قضاء الديار المصرية ثـم قضـاء الشـام ثـم قضاء مصر وولي مشيخة الحديث بالكاملية ومشيخة الشيوخ وحمدت سيرتـه ورزق القبـول من الخاص والعام وحج مرات وتنزه عن معلوم القضاء لغناه مدة وقل سمعه في الآخر قليلاً فعزل نفسه ومحاسنه كثيرة ومن شعره‏:‏ لم أطلب العلم للدنيا التي ابتغيت من المناصـب أو للجـاه والمـال لكن متابعة الأسلاف فيه كما كانوا فقدر ما قد كان عن حالي وفيها في جمادى الآخرة مات الرئيس تاج الدين طاولت بن نصير الدين ابن الوجيه بن سويد بدمشق حدث عن عمر القواس وعاشق خمسين سنة وهو سبط الصاحب جمال الدين بن صصري وكان فيه دين وبر وله أموال‏.‏

ومات العلامة مفتي المسلمين شهاب بن أحمد بن جهبل الشافعي بدمشق درس بالصلاحيـة وولي مشيخة الظاهرية ثم تدريس الباذرائية وله محاسن وفضائل‏.‏

ومات الأمير علم الدين طرقشي المشد بدمشق‏.‏

وفيها في رجب مات الشيخ الإمام القدوة تاج الدين بن محمود الفارقي بدمشق وعاش ثلاثاً وثمانين سنة وكان عابداً عاقلاً فقيهاً عفيف النفس كبير القدر ملازماً للجامع عالج الصرف ومـات صاحبنـا الأميـر شهاب الدين أحمد بن بدر الدين حسن بن المرواني نائب بعلبك ثم والي البر بدمشق وكان فيه دين كثير التلاوة محباً للفضل والفضلاء ولي ولده النيابة بقصير أنطاكية طويلاً وبها مات‏.‏

وفيهـا فـي شعبـان مـات الخطيب بالجامع الأزهر علاء الدين بن عبد المحسن ابن قاضي العسكر المدرس بالظاهرية والأشرفية بالديار المصرية‏.‏

وفيه دخل القاضي تاج الدين محمد ابن الزين حلب متولياً كتابة السر ولبس الخلعة وباشر وأبان عن تعفف عن هدايا الناس‏.‏

وفيها في رمضان مات بدمشق الأمير علاء الدين أوران الحاجب وكان ينطوي على ظلم من أولاد الأكراد‏.‏

ومات بحماة زين الدين عبد الرحمن بن علي بن إسماعيل بن البارزي المعروف بابن الولي كان وكيل بيت المال بها وبنى بها جامعاً وكانت له مكانة ومروءة ومنزلة عند صاحب حماة‏.‏

ومات مسند الشام المعمر تاج الدين أبو العباس أحمد بن المحدث تقي الدين إدريس كان فيه خير وديانة‏.‏

ومات بحماة شيخ الشيوخ فخر الدين عبد الله بن التاج كان صواماً عابداً ذا سكينة سمع من والده‏.‏

ومـات الإمـام المؤرخ شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب الشافعي بالقاهرة وله تاريخ في ثلاثين مجلداً كان ينسخ في اليوم ثلاثة كراريس وفضيلته تامة عاش خمسين سنة‏.‏

ومات الإمام جمال الدين حسين بن محمود الربعي البالسي بالقاهرة قرأ بالروايات وكان شيخ القراء وله وظائف كثيرة أمّ بالشجاعي ثـم أمّ بالسلطـان نيفـاً وثلاثيـن سنـة وكـان عالمـاً كثيـر التهجد‏.‏

وفيها في ذي القعدة أخذ حاجب العرب بدمشق علي بن مقلد فضرب وحبس وأخذ ماله وقطع لسانه وعزل ناصر الدين الدواتدار وضرب وصودر وأخذ منه مال جزيل وأبعد إلى القدس ثم قطع لسان ابن مقلد مرة ثانية فمات آخر اليوم‏.‏

قلت‏:‏ أوصيك فإن قبلـت منـي أفلحـت ونلـت مـا تحب لا تـدن من الملوك يوماً فالبعـد مـن الملوك قرب ومات بحلب أمين الدين عبد الرحمن الفقيه الشافعي المواقيتي سبط الأبهري وكان له يد طولى في الرياضة والوقت والعمليات ومشاركة في فنون وكان عنده لعب فنفق عند الملك المؤيد بحماة وتقدم ثم بعده تأخر وتحول إلى حلب ومات بها‏.‏

قلت وأهل حماة يطعنون في عقيدته‏.‏

ويعجبني بيتان الثاني منهما مضمن لا لكونهما فيه فإن إلى حلب خذ عن حماة رسالة أراك قبلت الأبهري المنجما فقولي له ارحل لا تقيمن عندنا وإلا فكن في السر والجهر مسلما ومات الزاهد الولي أبو الحسن الواسطي العابد محرماً ببدر قيل إنه حج وله ثمان عشرة سنة ثم لازم الحج وجاور مرات وكان عظيم القدر منقبضاً عن الناس‏.‏

وفيها في ذي الحجة مات الأمير الكبير مغلطاي كان مقدم ألف بدمشق وماتت الشيخة المسندة الجليلة أم محمد أسماء بنت محمـد بـن صصـري أخـت قاضـي القضـاة نجـم الديـن سمعـت وحدثـت وكانـت مباركـة كثيرة البر وججت مرات وكانت تتلو في المصحف وتتعبد قلت‏:‏ كذلك فلتكن أخت ابن صصرى تفوق على النساء صبي وشيبا طـراز القـوم أنثـى مثل هذي وما التأنيث لاسم الشمس عيبا ومات أيضاً بد مشـق عـز الديـن إبراهيـم بـن القـواس بالعقيبـة ووقـف داره مدرسـة وأمسـك حاجـب مصر سيف الدين إلماس وأخوه قره تمر ووجد لهما مال عظيم‏.‏

  ثم دخلت سنة أربع وثلاثين وسبعمائة

في أول المحرم منها أفرج عن الأمير بدر الديـن القرمانـي والأميـر سيـف الديـن إسلـام وأخيـه وخلع عليهم وتوفي بالقدس خطيبه وقاضيه الشيخ عماد الدين عمر النابلسي‏.‏

الشافعـي ويكنـى أبـا داود أيضـاً بالسكتـة ولي القضاء بمصر ثم بالشام مدة وكان عليه سكينة ووقار‏.‏

وأحضر ناصر الدين الدواتدار إلى مخدومه سيف الدين تنز فضرب وأهين وكمل عليه مال يقوم به‏.‏

وحصلت صقعة أتلفت الكروم والخضراوات بغوطة دمشق ومات الأمير سيف الدين صلعنة الناصري وكان ديناً يبدأ الناس بالسلام في الطرقات‏.‏

ومات بطرابلس نائبها الأمير رحمه الله تعالى‏.‏

ومـات بحمـاه قاضـي القضـاة نجـم الديـن أبـو القاسـم عمـر بـن الصاحـب كمـال الديـن العقيلي الحنفي المعروف بابن العديم وكان له فنـون وأدب وخـط وشعـر ومـروءة غزيـرة وعصبيـة لـم تحفظ عليه أنه شتم أحداً مدة ولايته ولا خيب قاصده‏.‏

قلت‏:‏ قد كان نجم الدين شمساً أشرقت بحماة للداني بها والقاضي عدمت ضياء ابن العديم فأنشدت مات المطيع فيا هلاك العاصي وفيها في ربيع الأول توفي الأمير سيف الدين طرنا الناصري أمير مائة مقدم ألف بدمشق‏.‏

ومات جمال الدين فرج بن شمس الدين قره سنقر المنصوري‏.‏

ورسم تنكز نائب السلطنة بعمارة باب توما وإصلاحه فغمر عمارة حسنة ورفع نحو عشرة أذرع ووسع وجدد بابه‏.‏

وفيها في ربيع الآخر وصل جمال الدين أقوش نائب الكرك إلى طرابلس نائباً بها عوضا عن قرطاي‏.‏

رحمه الله تعالى ووصل سيل إلى ظاهر دمشق وهدم بعض المساكن وخاف الناس منه ثم نقص في يومه ولطف الله تعالى‏.‏

وتوفيت أم الخير خديجة المدعوة ضوء الصباح وكانت تكتب بخطها فـي الإجـازات ودفنـت بالقرافة‏.‏

وفيها في جمادى الأولى توفي الفاضل بدر الدين محمد بن شرف الدين أبي بكر الحمـوي المعروف بابن السمين بحماة وكان أبوه من فصحاء القراء رحمهما الله تعالى‏.‏

وفيها في جمادى الآخرة توفي بحلب شرف الدين أبو طالب عبد الرحمن ابن القاضي عماد الدين بن العجمي سمع الشمائل على والده وحدث وأقام مع والده بمكة في صباه أربع سنين وكان شيخاً محترماً من أعيان العدول وعنده سلامة صدر رحمة الله تعالى‏.‏

ومات الأمير شمس الدين محمد بن الصيمري بن واقف المارستان بالصالحية‏.‏

وفيها في رجب وصل كتاب من المدينة النبوية يذكر فيه أن وادي العقيق سال من صفر وإلى الآن ودخل السيل قبة حمزة رضي الله عنه وبقي الناس عشرين يوماً ما يصلون إلـى القبـة وأخذ نخلاً كثيراً وخرب أماكن‏.‏

ومات الأمير عز الدين نقيب العساكر المصرية ودفن بالقرافة‏.‏

ومات الأمين ناصر الدين بـن سويـد التكريتـي سمـع علـى جماعـة مـن أصحـاب ابـن طبـرزد وحدث وكان له بر وصدقات وحج مرات وجاور بمكة ومات الشيخ العالم الربانـي الزاهـد بقية السلف نجم الديـن اللخمـي القبابـي الحنبلـي بحمـاة وكانـت جنازتـه عظيمـة وحمـل علـى الرؤوس‏.‏

سمع مسند الدارمي وحدث وكان فاضلاً فقيهاً فرضياً جليل القدر وفضائله وتقلله من الدنيا وزهده معروف نفعنا الله ببركته والقباب المنسوب إليها قرية من قرى أشموم الرمان متصلة بثغر دمياط‏.‏

قلت وقدم مرة إلى الفوعة وأنا بها فسألني عن الأكدرية إذا كان بدل الأخت خنثى فأجبت‏:‏ إنهـا بتقديـر الأنوثـة تصـح مـن سبعة وعشرين وبتقدير الذكورة تصح من ستة‏.‏

والأنوثة تضر الزوج والـأم والذكـورة تضـر الجـد والأخت وبين المسألتين موافقة بالثلث فيضرب ثلث السبعة والعشرين وهو تسعة في الستة تبلغ أربعة وخمسين ومنها تصح المسألتان للزوج ثمانية عشر‏.‏

وللـأم اثنا عشر وللجد تسعة ولا يصرف إلى الخنثى شيء والموقوف خمسة عشر وفي طريقها وفيهـا فـي شعبـان مـات فجـأة الإمـام الحافـظ أبـو الفتـح محمـد بـن محمد بن محمد بن أحمد ابن سيد الناس اليعمـري‏.‏

أخـذ علـم الحديـث عـن ابـن دقيـق العيـد والدمياطـي وكـان أحـد الأذكيـاء الحفـاظ لـه النظـم والنثـر والبلاغـة والتصانيـف المتقنـة وكـان شيـخ الظاهريـة وخطيـب جامع الخندق‏.‏

وفيها يوم الجمعة التاسع والعشرين من شهر رمضان انفصل القاضي جمال الدين يوسـف بـن جملة الحجي الشافعي من قضاء دمشق وعقد له مجلس عند نائب السلطنـة تنكـز وحكـم بعزله لكونه عزر الشيخ الظهير الرومي فجاوز في تعزيره الحد ورسم على القاضي المذكور بالعذراوية ثم نقل إلى القلعة فإن القاضي المالكي حكم بحبسه وطولع السلطان بذلك فأمر بتنفيذه‏.‏

قلت وأعجب بعض الناس حبسه أولاً ثم رجع الناس إلى أنفسهم فأكبروا مثل ذلك ومما قلت فيه‏:‏ دمشق لازال ربعها خضر بعدلها اليوم يضرب المثل فضـا مـن المكـس مطلـق فرح فيهـا وقاضـي القضاة معتقل ونفي الشيخ إلى بلاد المشرق وكانت مدة ولاية القاضي المذكور سنة ونصفاً سوى أيام فكان ومات الشيخ سيف الدين يحيى بن أحمد بن أبي نصر محمد بن عبد الرزاق بن الشيخ عبد القادر الجيلي بحماة وكان شهماً سخياً رحمه الله تعالى‏.‏

وفي منتصف الشهر وجد بالقاهرة يهودي مع مسلمة من بنات الترك فرجم اليهودي وأحرق وأخذ ماله كله وكان متمولاً وحبست المرأة‏.‏

قلت‏:‏ هذا تعدى طوره فناله ما ناله فأعدموه عرضه وروحه وماله وحكـى لي عدل أنه أخذ منه ألف ألف درهم وثلاث صواني زمرد وعزل الأمير سيف الدين بلبان عن ثغر دمياط وأخذ منه مال وحبس‏.‏

وفيها في شوال توفي الصاحب شمس الدين غبريال وكان قد أخذ منه ألفا ألف درهم وكان حسن التدبير في الدنيويات وأسلم سنة إحدى وسبعمائة هو وأمين الملك معاً‏.‏

وفيه بالقاهرة خصي عبد أسود كان تعرض إلى أولاد الناس فمات قلت‏:‏ يعجبني وفاة من فيه فساد وأذى لا حبذا حياته وإن يمت فحبذا ومات الإمام شمـس الديـن محمـد بـن عثمـان الأصفهانـي المعـروف بابـن العجمـي الحنفـي كـان مدرساً بالإقبالية وحدث بالمدينة النبوية ودرس أيضاً بالمدرسة الشريفة النبوية وحدث بدمشق وكان فاضلاً وجمع منسكاً على المذاهب ومات الشيخ الزاهد ناصر الدين محمد ابن الشرف صالح بحماة أقام أكثر من ثلاثين سنة لا يأكل الفاكهة ولا اللحم وكان ملازماً للصوم لا يقبل من أحد شيئاً قلت‏:‏ زرتـه مرتيـن والحمـد لـل ه فعاينـت خير تلك الزياره كان فيه تواضع وسكـون وصلاح باد وحسن عباره وفيه كتب بدمشق محضر بأن الصاحب غبريال كان احتاط على بيت المال‏.‏

واشترى أملاكاً ووقفها‏.‏

وليس له ذلك فشهد بذلك جماعة منهم ابن الشيرازي وابن أخيه عماد وابن مراجل وأثبت عند برهان الدين الزرعي ونفذوه وامتنع المحتسب عز الدين بن الغلانيس من الشهادة بذلك فرسم عليه وعزل من الحسبة‏.‏

قلت‏:‏ فديت امرءاً قد راقب الله ربه وأفسد دنياه لإصلاح دينه وعزل الفتى في الله أكبر منصب يقيه الذي يخشى بحسـن يقينـه وفيهـا فـي ذي القعـدة تولى قضاء قضاة الشافعية بدمشق شهاب الدين محمد ابن المجد عبد الله ابن الحسين درس وأفتى قديماً وضاهى الكبار وتنقلت به الأحوال وهو على ما فيه غزير المروءة سخي النفس متطلع إلى قضاء حوائج الناس‏.‏

واستمر قاضياً إلى أن كان ما سنذكر وتوجه مهنا بن عيسى أمير العرب إلى طاعة السلطان بعد النفرة العظيمة عنه سنين ومعه صاحب حماة الملك‏.‏

الأفضل فأقبـل السلطـان علـى مهنـا وخلـع عليـه وعلـى أصحـاب مائـة وستين خلعة ورسم له بمال كثير الذهب والفضة والقماش وأقطعه عدة قرى وعاد إلى أهله مكرمـاً‏.‏

ومـات المجود الأديب بدر الدين حسن بن علي بن عدنان الحمداني ابن المحدث‏.‏

وفيها أظن ذي الحجة مات القاضي مجد الدين حرمي بن قاسم الفاقوسي الشافعي وكيل بيت المال ومدرس قبة الشافعي وكان معمراً‏.‏

وألزمـت النصـارى واليهـود ببغـداد بالغيـار ثـم نقضـت كنائسهـم ودياراتهـم وأسلـم منهـم ومـن أعيانهم خلق كثير منهم سديد الدولة وكان ركناً لليهود عمر في زمن يهوديته مدفناً له خسر عليه مالاً طائلاً فخرب مع الكنائس وجعل بعض الكنائس معبداً للمسلمين وشرع في عمارة جامـع بـدرب دينـار وكانـت بيعـة كبيـرة جـداً واشتهر عن جماعة من الشيعة في قرية بتي بالعراق وأنهـم دخلـوا علـى مريـض منهـم فجعـل يصيـح أخـذ فـي المغـول خلصونـي منهـم وكـرر ذلـك فاختلس من بينهم حياً فكان آخر عهدهم به وكان الرجل من فقهـاء الشيعـة يتولـى عقـود أنكحتهم إن في ذلك لعبرة‏.‏

وأطلق ببغداد مكس الغزل وضمان الخمر والفاحشة وأعطيت المواريـث لـذوي الأرحـام دون